قوله تعالى: {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ} قال الفراء: معناه: وما ينبغي لمثل هذا القرآن أن يُفْتَرى من دون الله، كقوله تعالى: {وما كان لنبي أن يغل} [آل عمران- 161].وقيل: {أَنْ} بمعنى اللام، أي: وما كان هذا القرآن لِيُفْتَرَى من دون الله.قوله: {وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} أي: بين يدي القرآن من التوراة والإنجيل.وقيل: تصديق الذي بين يدي القرآن من القيامة والبعث، {وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ} تبيين ما في الكتاب من الحلال والحرام والفرائض والأحكام، {لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.{أَمْ يَقُولُونَ} قال أبو عبيدة: {أم} بمعنى الواو، أي: ويقولون، {افْتَرَاه} اختلق محمد القرآن من قِبَلِ نفسه، {قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ} شبه القرآن {وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ} ممن تعبدون، {مِنْ دُونِ اللَّهِ} ليعينوكم على ذلك، {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} أن محمدا افتراه ثم قال: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ} يعني: القرآن، كذبوا به ولم يحيطوا بعلمه، {وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ} أي: عاقبة ما وعد الله في القرآن، أنه يؤول إليه أمرهم من العقوبة، يريد: أنهم لم يعلموا ما يؤول إليه عاقبة أمرهم. {كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} أي: كما كذب هؤلاء الكفار بالقرآن كذلك كذَّب الذين من قبلهم من كفار الأمم الخالية، {فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ} آخر أمر المشركين بالهلاك.{وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ} أي: من قومك مَنْ يؤمن بالقرآن، {وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ} لعلم الله السابق فيهم، {وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ} الذين لا يؤمنون.{وَإِنْ كَذَّبُوكَ} يا محمد، {فَقُلْ لِي عَمَلِي} وجزاؤه، {وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ} وجزاؤه، {أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ} هذا كقوله تعالى: {لنا أعمالنا ولكم أعمالكم} [القصص- 55]، {لكم دينكم وليَ دين} [الكافرون- 6].قال الكلبي ومقاتل: هذه الآية منسوخة بآية الجهاد.ثم أخبر أن التوفيق للإيمان به لا بغيره: